Search This Blog

Search The Web

الاهلي الان

Share:

Sunday, September 30, 2012

مقال اعجبنى : تقنين اغتصاب الفتيات فى الدستور

   

 
خالد داوود
لم أصدق أذنى وأنا أسمع الشيخ ياسر برهامى فى حواره التليفزيونى الأخير مع الزميل وائل الإبراشى، بينما هو يدافع عن زواج الفتيات «فى أى وقت»، ومتمسكًا بقوة برفض تحديد سن قانونية للزواج لا يقل عن ثمانية عشر عاما بأى حال، كما هو المتوقع من أى شخص طبيعى وعاقل يتعامل مع الإناث على أنهن بشر فى الأساس لهن حقوق يمثل انتهاكها جريمة يعاقب عليها القانون.
كنت أعرف أن قطاعًا صغيرًا من الإسلاميين المتشددين يؤمن ويروج أن الفتاة تصلح للزواج طالما وصلت إلى سن البلوغ، مع الوضع فى الاعتبار أن ذلك قد يحدث فى سن صغيرة للغاية قد تصل إلى التاسعة أو العاشرة، وهو ما يمثل بكل تأكيد انتهاكًا لهذه الأجساد الصغيرة التى لا تستحق سوى الرعاية والتعليم واللعب والتوعية. لكن الشيخ برهامى بالغ وتمادى، واستخدم آية فى القرآن فسَّرها بطريقته الخاصة ليصل إلى نتيجة مقتضاها أن الفتاة يمكن أن تتزوج حتى قبل مرحلة البلوغ، «وطالما كانت قادرة». وكيف لنا أن نعرف يا شيخنا الفاضل برهامى صاحب فتاوى تكفير المسيحيين، واللقاءات السرية مع مرشح الفلول أحمد شفيق، أن الفتاة صغيرة السن الأقل من سن البلوغ قادرة على تحمل المعاشرة الجنسية، بينما هى طفلة قد يبلغ عمرها فى هذه الحالة أربع أو خمس أو ست سنوات؟ إذا تتبعنا منطق ما يقوله الشيخ السلفى، فإنه يجب محاولة اغتصاب هذه البراءة أولا لنعرف بعد ذلك إذا ما كانت الفتاة تتحمل من عدمه. هذا الكلام العبثى المقزز دفع الناشطة المستقيلة من اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، منال الطيبى، إلى تذكير برهامى بأن ما يدعو إليه عمليًّا هو قتل الفتيات الصغيرات، لأنه من المستحيل بكل المعايير والمقاييس أن تتحمل فتاة صغيرة لم تصل إلى سن البلوغ عملية المعاشرة الجنسية. هذا لا يوجد له اسم آخر سوى الاغتصاب وإساءة استغلال الأطفال، وهو ما يعاقب عليه القانون بالسجن سنوات طويلة. لكن هذا العبث البرهامى لا يعكس سوى العقلية المتخلفة التى يعيش فى ظلالها وجوفها بعض قطاعات السلفيين، والذين يعطوننى دائما الانطباع بأنهم يعيشون فى مسلسل دينى من تلك التى تستعيد واقع ما كانت عليه جزيرة العرب قبل 1500 عام. وإذا كان هذا هو حالهم ويصرون على استعادة حياة البادية والبدو بكل تفاصيلها، لأنهم بذلك يتبعون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى ظنهم، فليتخذوا من سيرة زعيم ما يعرف بـ«تنظيم التكفير والهجرة» شكرى مصطفى سُنّة، ويقومون بإنشاء مجتمعات صغيرة فى وسط الصحراء يمارسون فيها حياتهم كما يشاؤون. وسنتبرع لهم نحن أنصار الدولة المدنية الحديثة حينذاك بالديكور من جِمال وخيام وسيوف ومعلقات شعرية. وسيتم التيقن من قطع الكهرباء عن هذه التجمعات، ومنع وصول السيارات أو خدمات المياه والصرف الصحى لكى تزداد الواقعية واقعية، ومعها المعاناة وترسيخ الإيمان.
وأود أن أطمئنهم أن هذا العزل الطوعى لن يكون الأول من نوعه، ليس فقط فى مصر، لكن كذلك فى الولايات المتحدة، حيث الحرية مكفولة بالقانون. فقبل عدة سنوات، اقتحمت الشرطة الأمريكية تجمعًا منعزلا لمجموعة كانت تتبع مهووسًا يدَّعى النبوة فى إحدى مدن ولاية تكساس. وفى القرية الصغيرة التى أنشأتها تلك المجموعة، كان النساء يرتدين ملابس العصور الوسطى التى نراها فى الأفلام، ويدينون بالولاء المطلق للنبى المزعوم الذى كان يُحل لنفسه تعدد الزوجات خلافا للقوانين الأمريكية. ولم تتدخل الشرطة الأمريكية فى شؤون هذه الجماعة حتى بلغها أن النبى المزعوم بدأ فى اغتصاب الفتيات الصغيرات وضمهن إلى قافلة زوجاته. كان هذا هو الخط الأحمر الذى لم يكن من الممكن التسامح معه، وتم القبض على النبى المصاب بمرض الرغبة فى اغتصاب الأطفال، وصدر ضده حكم بالسجن لسنوات طويلة، ذلك مع الوضع فى الاعتبار أن الفتيات اللاتى تم اتهامه باغتصابهن كن فى عمر الخامسة عشرة والسادسة عشرة. والأمر لم يقتصر فى حديث الشيخ برهامى على تأكيد العقلية الدونية التى يتعامل بها السلفيون مع المرأة والنظر إليها على أنها مجرد وعاء للإنجاب والاستمتاع بجسدها، لكنه أشهر أيضا سلاح الابتزاز الأكثر استخدامًا فى يد السلفيين وهو تخويف من يعارضهم بالقول: «مش أنا اللى بيقول كده، ده القرآن اللى بيقول». ثم وجه جملته التحذيرية التكفيرية المرعبة للدكتورة الطيبى: «هو انت مش مؤمنة بالقرآن؟» وفى وسط جو الإرهاب الفكرى والدينى الذى نعيش فيه، والإصرار على أن مصر «دولة إسلامية»، وليست دولة مواطنيها بكل من فيهم من تنوع فى العقائد والثقافات والتوجهات، يشعر معارض السلفى بالطبع أنه فى مأزق، ويسارع بالرد «لا طبعا، أنا مؤمن بالقرآن».
أنصار الدولة المدنية العصرية الحديثة ليسوا خبراء فى الدين والأحاديث وتفسير الآيات القرآنية، لكن أجمل ما فى دينى الإسلامى الذى أؤمن به أنه دين العقل والمنطق والواقعية والتطور مع الزمن، هو دين احترام إنسانية الإنسان والدعوة إلى المساواة بين البشر. لو كان المسلمون الأوائل تمسكوا بما كان عليه حالهم وقت انطلقوا من الجزيرة العربية لنشر الدعوة، ورفضوا العلوم والتطوير، لما تمكنوا من بناء تلك الإمبراطورية الضخمة التى شيدوها فى أنحاء متسعة من الأرض. لكن المأساة التى نتعرض لها الآن هى أن من المتشددين ممن يرفعون لواء الدين كالسيد برهامى، يريدون أن يجذبونا إلى الخلف ويرسخوا تلك الصورة السلبية التى تروج لها أطراف كتلك التى أنتجت الفيلم المسىء إلى رسولنا الكريم، على أننا قوم لا هم لنا سوى العنف والدماء، ومؤخرًا أننا نهوى ونقنن اغتصاب الفتيات. يا سيد برهامى، الرئيس محمد مرسى عقد العديد من اللقاءات فى نيويورك مع قادة العالم، وكان بينهم رئيسة وزراء بنجلاديش المسلمة، ورئيسة وزراء أستراليا، ورئيسة الأرجنتين. ومن قبلهن، نشرت صحف العالم صورة شهيرة لوزيرة دفاع إسبانيا وهى تتفقد حرس الشرف، بينما فى شهر حملها الأخير. نريد تعليم فتياتنا وتطويرهن، تمامًا كما نفعل مع الأولاد، لأن هذا هو حقهن الذى ينص عليه القانون، وأن يكون لدينا الأمل فى أن تصبح عندنا يومًا رئيسة وزراء، وربما رئيسة، لأن السيدة المصرية الذكية حمّالة الأسية تستحق ذلك بكل تأكيد.
وكأنه لم يكن يكفينا أن الجمعية التأسيسية للدستور تحتوى أعضاء كالشيخ سعيد عبد العظيم وغيره ممن يرون أن الديمقراطية كفر وستؤدى إلى انتشار الشذوذ الجنسى، وأن الوقوف احترامًا للنشيد الوطنى أو تأبينًا لشهداء الوطن حرام وبدعة، ليأتينا الآن من يريد تقنين اغتصاب الفتيات، ليس فى القانون فقط، لكن فى الدستور. يا لطيف الألطاف.

No comments:

اخبار الحوادث

الكامل فى التاريخ

البيت بيتك

اخبار التعليم و نماذج كادر المعلمين مصر